ضوابط الإعجاز الرقمي
يتألف البحث العلمي من ثلاثة عناصر ، وهي المعطيات والمنهج والنتائج . فالمعطيات هي الأساس الذي يقوم عليه البحث القرآني ، فإذا كانت هذه المعطيات صحيحة وكان المنهج المتبع في التعامل معها صحيحاً فلابدّ عندها أن تكون النتائج التي سيقدمها البحث صحيحة أيضاً .
أما إذا كانت المعطيات غير دقيقة أو غير صحيحة وكان المنهج المتبع في التعامل معها أيضاً متناقضاً ولا يقوم على أساس علمي ، فإن النتائج بلا شكّ ستكون ضعيفة وغير مقنعة ، وربما تكون خاطئة .
وحتى يكون البحث مقبولاً ويطمئن القلب إليه ، يجب أن يوافق العلم والشرع ، أي يجب أن يحقق الضوابط التالية لكل عنصر من عناصره :
1- ضوابط خاصة بمعطيات البحث .
2- ضوابط خاصة بمنهج البحث .
3- ضوابط خاصة بنتائج البحث .
ضوابط خاصة بمعطيات البحث
بالنسبة لمعطيات البحث يجب أن تأتي من القرآن نفسه ، ولا يجوز أبداً أن نُقحِم في كتاب الله عزّ وجلّ مالا يرضاه الله تعالى . وهذا ما جعل الكثير من الأبحاث تفقد مصداقيتها بسبب اعتماد الباحث على أرقام من خارج القرآن الكريم ، كما حدث في حساب الجُمَّل . فعندما نبدّل حروف اسم ﴿الله﴾ جلّ وعلا بأرقام ، فنبدّل الألف بالواحد ، واللام بثلاثين ، واللام الثانية بثلاثين ، والهاء بخمسة ، وهذه هي قيم الحروف في حساب الجُمّل ، ونَخْرُج بعد ذلك بعدد يمثل مجموع هذه الأرقام هو : 1 + 30 + 30 + 5 = 66، والسؤال : ماذا يعبّر هذا العدد 66 ؟ ! وهل يمكن القول بأن اسم ﴿الله﴾ يساوي 66 ؟ ؟ ؟ بل ما علاقة هذا الرقم باسم﴿الله﴾ تبارك وتعالى ؟
إن كتاب الله تعالى غزير بالعجائب والأسرار فلا حاجة للجوء إلى غيره ، فنحن نستطيع أن نستنبط من كتاب الله تعالى آلاف الأرقام . ففي آية واحدة نستطيع أن نستخرج الكثير والكثير من المعطيات أو البيانات الرقمية الثابتة ، مثلاً :
1- عدد كلمات هذه الآية .
2- عدد حروف الآية .
3- تكرار كل حرف من حروف الآية .
4- تكرار كل كلمة من كلمات الآية في القرآن .
5- أرقام السور التي وردت فيها كلمة ما من هذه الآية .
6- أرقام الآيات التي وردت فيها كلمة أو عبارة من القرآن .
7- توزع كل حرف من حروف الآية على كلماتها .
8- رقم هذه الآية في السورة .
9- رقم السورة حيث توجد هذه الآية .
10- أعداد حروف محددة في الآية مثل حروف الألف واللام والميم ﴿الـم﴾ ، أو حروف اسم ﴿الله﴾ ، أي الألف واللام والهاء . أو حروف أسماء الله الحسنى . . . . وغير ذلك مما لا يُحصى .
11- عدد حروف كلمات محددة من الآية ، مثل حروف أول كلمة وآخر كلمة . وهكذا أرقام لا تكاد تنتهي ، كلها من آية واحدة ، فتأمل كم نستطيع استخراج أرقام من القرآن كلِّه ؟
والسؤال : إذا كان لدينا هذا الكمّ الهائل من المعطيات والبيانات القرآنية الثابتة واليقينية ، فلماذا نلجأ لأرقام أخرى من اصطلاحات البشر ؟ وهل يُعقل أن الله تعالى عندما أنزل القرآن رتَّبه على حساب الجُمَّل ؟ ؟ !
لذلك يمكن القول بأن المعطيات التي سنتعامل معها في موسوعتنا هذه جميعها وبلا استثناء تم استخراجها من القرآن نفسه ، ولم نقحم أي رقم من خارج كتاب الله تعالى . لذلك يمكن تسمية النتائج التي توصلنا إليها بالحقائق اليقينية والثابتة .
كما ينبغي أن تكون طريقة استخراج المعطيات القرآنية ثابتة وغير متناقضة أبداً . فقد دأب كثير من الباحثين على استخراج أية أرقام تصادفه أو تتفق مع حساباته ، فتجده تارة يعدّ الحروف كما تُكتب وفق الرسم القرآني ، وتارة يعدُّ حروفاً أخرى كما تُلفظ ، وتارة يخالف رسم القرآن بهدف الحصول على أرقام محددة تتفق مع حساباته ، وغير ذلك مما لا يقوم على أساس علمي أو شرعي .
وفي أبحاثنا هذه نتبع دائماً عدّ حروف الكلمات كما كُتبت في القرآن الكريم ، ولا نخالف هذه القاعدة أبداً ، وهذا ثابت في جميع الأبحاث التي سنقدمها للقارئ الكريم من خلال هذه الموسوعة بإذن الله تعالى .
ففي تدبُّرنا لأول آية من كتاب الله تبارك وتعالى ، وهي : ﴿بسم الله الرحمن الرحيم﴾ ، استخرجنا أرقاماً ثابتة من داخل هذه الآية العظيمة . فعدد كلمات الآية هو 4 وعدد حروف كل كلمة من كلماتها هو : ﴿بسم﴾ عدد حروفها 3 ، وكلمة ﴿الله﴾ عدد حروفها 4 ، وكلمة ﴿الرحمن﴾ عدد حروفها 6 . . . . . وهكذا .
يتكرر حرف الألف في هذه البسملة 3 مرات ، ويتكرر حرف اللام 4 مرات ، ويتكرر حرف الهاء مرة واحدة . . . . وهكذا . رقم آية البسملة في القرآن هو 1 ، ورقم السورة حيث توجد هذه البسملة وهي سورة الفاتحة رقمها 1 ، وكل كلمة من كلمات البسملة تتكرر في القرآن عدداً محدداً من المرات ، فكلمة ﴿الله﴾ تتكرر في كتاب الله 2699 مرة .
إن هذه الأرقام تتشابك وتترابط عند صفِّها لتشكل نسيجاً مُحكماً من الأعداد ، والعجيب أن هذه الأعداد جميعاً من مضاعفات الرقم سبعة !
ضوابط خاصة بمنهج البحث
أما الطريقة التي نعالج بها هذه المعطيات القرآنية فيجب أن تكون مبنيّة على أساس علمي وشرعي . فلا يجوز استخدام طرق غير علمية ، لأن القرآن كتاب الله تعالى ، وكما أن الله بنى وأحكم هذا الكون بقوانين علمية محكمة ، كذلك أنزل القرآن ورتبه وأحكمه بقوانين علمية محكمة ، وقال عنه : ﴿كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِن لَّدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ﴾ [هود : 11/1] ، وقال عنه أيضاً : ﴿لكِنِ اللّهُ يَشْهَدُ بِمَا أَنزَلَ إِلَيْكَ أَنزَلَهُ بِعِلْمِهِ وَالْمَلآئِكَةُ يَشْهَدُونَ وَكَفَى بِاللّهِ شَهِيداً ﴾ [النساء : 4/166] .
وقد نرى من بعض الباحثين اتباع منهج غير علمي ، فهو يجمع الحروف تارةً ، ثم يطرح أرقام الآيات ، وقد يضرب مرةً وأحياناً يقسّم وأخرى يحذف أو يضيف ، حتى تنضبط حساباته لتوافق رقماً محدداً مسبقاً في ذاكرته . وبعضهم يسوق القارئ سوقاً باتجاه نتيجة وضعها سلفاً في ذهنه ويحاول أن يثبتها . ومثل هذه الأساليب غير المنهجية مرفوضة ، إلا إذا قدّم صاحبها برهاناً مؤكداً على مصداقيتها .
إذن يجب أن يكون المنهج المتبع في معالجة البيانات القرآنية منهجاً علمياً وثابتاً ، وعدم ثبات المنهج قد يكون من أهم الأخطاء التي يقع بها من يبحث في هذا العلم .
كما يجب ألا يكون هنالك تناقض بين طريقة معالجة المعطيات القرآنية وبين الطرائق العلمية الثابتة . أما في هذه الأبحاث التي سيعيش معها القارئ فسوف يكون منهجنا ثابتاً وفق طريقة صفّ الأرقام حسب تسلسلها في كتاب الله تعالى . فمن خلال الدراسة العلمية الطويلة والمركزة لآيات القرآن تبيّن أن طريقة صفّ الأرقام تحافظ على تسلسل كلمات القرآن ، بينما طريقة جمع الأرقام لا تراعي ذلك .
وفكرة هذه الطريقة بسيطة للغاية ، فهي تقوم على عدّ حروف كل كلمة من كلمات الآية ، وقراءة العدد الناتج كما هو دون جمعه أو طرحه أوضربه ، وسوف تكون الأعداد الناتجة من مضاعفات الرقم سبعة دائماً وأبداً .
إن هذه الطريقة في صف الأرقام لم تكن موجودة على زمن الرسول الكريم ، وهذا يعني أن التفسير الوحيد لوجود نظام كهذا في القرآن أنه كتاب الله ورسالته إلى البشر جميعاً .
وسوف تكون طريقتنا في استنباط المعجزة هي وضع المعطيات القرآنية الرقمية ومعالجتها حتى نحصل على توافق هذه الأرقام مع رقم محدد وهو الرقم سبعة ، وهذا الرقم المميَّز في القرآن لم نقم باختياره بل إن الله تعالى هو الذي اختاره لكتابه ، والعلاقات الرقمية المبهرة التي سنراها يمكن تسميتها بالحقائق الثابتة في كتاب الله تعالى .
فعلى سبيل المثال نذكر إحدى الحقائق الرقمية المهمة في كتاب الله تعالى ، فعندما نقوم بعدّ حروف اسم ﴿الله﴾ في أول سورة من كتاب الله أي حروف الألف واللام والهاء نجد 49 حرفاً أي 7 × 7 ، فهذه حقيقة ثابتة لا ريب فيها ، فهذا التوافق لإسم السورة وهو : ﴿السبع المثاني﴾ ، مع عدد حروف ﴿الله﴾ فيها ، وهو : (سبعة في سبعة) لم يأت عن طريق المصادفة ، ولا يمكن أن ينكره عالم أو جاهل .
والسؤال : مَن الذي جعل عدد حروف اسم ﴿الله﴾ في أول سورة من كتاب الله يساوي تماماً (سبعة في سبعة) ؟ ومن الذي سمَّى هذه السورة بالسبع المثاني ؟ ومن الذي جعل عدد آيات هذه السورة العظيمة سبع آيات ؟ أليس هو الله تعالى خالق السماوات السبع ؟
ضوابط خاصة بنتائج البحث
أما نتائج البحث القرآني فيجب أن تمثّل معجزة حقيقيّة لا مجال للمصادفة فيها . وينبغي على الباحث في هذا المجال إثبات أن نتائجه لم تأت عن طريق المصادفة ، وذلك باستخدام قانون الاحتمالات الرياضي .
كما يجب أن يتنبه من يبحث في الإعجاز العددي إلى أن الأرقام هي وسيلة لرؤية البناء العددي القرآني ، وليست هي الهدف ! ويجب أن يبقى بعيداً عن منْزلقات التنبُّؤ بالغيب الذي لا يعلمه إلا الله سبحانه وتعالى . وأن يبتعد عن الاستدلال بهبه الأرقام على تواريخ أو أحداث سياسية .
ونحن لا ننكر أن القرآن يحوي كل العلوم ويحوي الماضي والمستقبل ، ولكن يجب التثبُّت والتأنِّي والانتظار طويلاً قبل أن نستنبط شيئاً من كتاب الله له علاقة بعلم الغيب ، فقد يثبُت خطأ هذا الاستنباط مستقبلاً ، فنكون بذلك قد وضعنا حجّة في يد أعداء الإسلام للطعن في هذا الدين .
في هذه الموسوعة سوف نعيش مع أكثر من 700 حقيقة رقمية جميعها جاءت فيها الأعداد من مضاعفات الرقم سبعة ! ! وبما أن المنهج ثابت والمعطيات ثابتة ومن داخل القرآن ، فإن هذه الحقائق تمثل معجزة لا مجال للمصادفة فيها أبداً إن شاء الله تعالى .
منهج البحث في هذه الموسوعة
لقد قمنا بسلوك طريق محددة في الأبحاث التي بين أيدينا في هذه الموسوعة ، وهي استخراج الأرقام من القرآن والبحث عن العلاقات الرقمية التي أودعها الله تعالى في هذه الأرقام .
ويمكن للقارئ أن يتوقع رؤية التناسقات العجيبة مع الرقم سبعة ، وذلك في المجالات الآتية :
1- العلاقات التي تربط بين عدد حروف كل كلمة من كلمات الآية ، وعدد حروف أول كلمة وآخر كلمة في الآية ، وذلك بهدف رؤية أسرار حروف القرآن وأن الطريقة التي كُتبت بها كلمات القرآن هي طريقة معجزة .
2- توزع حروف محددة داخل كلمات الآية ، مثل توزع حروف الألف واللام والهاء المكونة لاسم ﴿الله﴾ تعالى وغيره من أسماء الله الحسنى ، وتوزع الحروف المميزة مثل ﴿الم﴾ وغيرها من الحروف ، لنرى من خلال هذا التوزع إعجاز هذه الحروف وأنه لا يمكن لبشر أن يركب جملاً بليغة ويجعل كل حرف يتوزع بنظام يقوم على الرقم سبعة .
3- العلاقة التي تربط أرقام الآيات والسور التي وردت فيها كلمة ما ، وذلك من خلال دراسة تكرار هذه الكلمة في القرآن كلِّه . وهذا يؤكد أن الله تعالى قد وضع كل كلمة من كلمات القرآن بدقَّة متناهية ، ولو تغير ترتيب الآيات والسور لاختل هذا البناء المحكم .
4- العلاقات الرقمية التي تربط بين رقم السورة ورقم الآية وعدد الكلمات وعدد الحروف ، وذلك من أجل رؤية الإحكام والترابط والتماسك في بناء آيات وسور القرآن الكريم ، وإثبات أنه كتاب محكم ومترابط ومتكامل ، ولو كان من صنع بشر لما رأينا فيه هذا التماسك والترابط المعجز .
5- البحث عن العلاقات الرقمية التي تربط سور القرآن ، ورؤية البناء المذهل لارتباط أول آية في القرآن مع بعض آيات القرآن برباط سباعي ، وكذلك ارتباط أول سورة من القرآن مع بعض سور القرآن . وارتباطات أخرى وتناسقات مذهلة جميعها تقوم على الرقم سبعة ومضاعفاته.